نظّمت المحكمة الابتدائية بسوق السبت، التابعة للدائرة القضائية بني ملال خنيفرة، يوم الأربعاء 30 أبريل، ندوة وطنية تحت عنوان «الأمن العقاري: الإكراهات والآفاق»، بمشاركة واسعة لقضاة وعدول ومحامين ومسؤولين قضائيين وسلطات محلية، إلى جانب خبراء في مجالي التوثيق والعقار.
وشكّل اللقاء مناسبة علمية ومهنية لتشخيص الإشكالات المتعددة التي تواجه الأمن العقاري، خاصة في ظل التوسع العمراني غير المنظم في المناطق القروية، وما ينتج عنه من تعقيد في توثيق المعاملات والملكيات.
قلق مشترك من استفحال مافيا العقار
جاءت الندوة في سياق وطني يتّسم بتزايد الإشكالات المرتبطة بالتحولات العمرانية غير المنضبطة، خاصة في المناطق القروية التي تشهد زحفا حضريا متسارعا أسفر عن تجزئات عشوائية ومعاملات عقارية معقدة، وهو ما يهدد الأمن العقاري ويخلق بيئة خصبة لمافيا الاستيلاء على العقارات.
كلمة القضاء: العقار ركيزة للاستقرار المجتمعي
في مستهل أشغال اللقاء، شددت عائشة العازم، رئيسة المحكمة الابتدائية بسوق السبت، على أهمية جمع مختلف المتدخلين في منظومة العدالة من أجل مناقشة التحديات التي تعيق الأمن العقاري.
واعتبرت أن العلاقة بين الإنسان والعقار تتجاوز الجانب القانوني لتشكل أساسًا للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وهو ما يتطلب مواكبة تشريعية دائمة وتنظيمًا دقيقًا للمعاملات.
أما الأستاذ بوشعيب لوردي، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسوق السبت، فعبّر عن قلقه إزاء تعدد الأنظمة القانونية وتنامي الاستيلاء غير المشروع على عقارات الغير، مؤكدًا أن المرحلة تفرض « مقاربة أكثر صرامة » في ضبط المعاملات العقارية، داعيا إلى إعادة هيكلة المنظومة القانونية لتكريس الثقة وتفادي النزاعات العقارية.
مداخلات العدول: ضرورة الشراكة من أجل التحديث
من جهته، أبرز الأستاذ إدريس الطرالي، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية بني ملال، أن ضمان الأمن العقاري رهين بتخطيط حضري فعال وسياسة عقارية منسجمة وواضحة، مضيفا أن العقار يعد حجر الزاوية في السياسات العمومية، خاصة في مجالات الاستثمار والتخطيط المجالي.
وفي السياق ذاته، نوه الأستاذ سعيد الصروخ، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة، بما سماه « الشراكة المهنية المتقدمة » بين العدول والجهاز القضائي، مشددا على أن القضاء تجاوز وظيفته الكلاسيكية ليلعب دورا مجتمعيا فعالا في حفظ الحقوق، وداعيا إلى تعميق هذا المسار في مواجهة تحديات مافيا العقار.
إشكالات التوثيق وتعدد المرجعيات القانونية
عرفت الندوة مداخلات من ممثلي هيئات المحامين وخبراء عقاريين ورؤساء مصالح إدارية، سلّطت الضوء على مجموعة من العوائق التي تعيق توثيق المعاملات العقارية، من بينها:
- تعدد المرجعيات القانونية.
- بطء وتعقيد مساطر التحفيظ العقاري.
- الغموض في بعض النصوص القانونية.
- التمييز الغامض بين ما هو موضوعي وإجرائي.
- صعوبة حماية المستهلك في التعاقدات العقارية.
توصيات عملية ومطالب تشريعية
أسفرت الندوة عن مجموعة من التوصيات والمطالب التي تعبّر عن إجماع المتدخلين على ضرورة التدخل التشريعي والتنظيمي العاجل، أبرزها:
- توحيد نظام التوثيق بين العدلي والعصري لتحقيق الانسجام وتيسير المساطر.
- إعادة صياغة المادة 4 من مدونة الحقوق العينية بما يزيل الغموض العملي في توثيق التصرفات العقارية.
- مراجعة مقتضيات قانون المالية المتعلقة بتعويضات نزع الملكية، لضمان العدالة والإنصاف.
- تعديل الفصل 570 من القانون الجنائي لتجريم كل فعل ينتزع الحيازة أو يعرقل الانتفاع بالعقار.
- تبسيط مساطر تحفيظ الأراضي الواقعة داخل دوائر الضم.
- إحداث مدونة عقارية موحدة وشاملة.
- تمكين القضاء من إعادة الحالة إلى ما كانت عليه تلقائيًا في قضايا الحيازة.
- تعزيز الإطار القانوني لعمل الخبراء، وخاصة في تقييم العقارات.
- فرض الإدلاء بشهادة أداء الضرائب الخاصة بالعقار موضوع المعاملة فقط.
- رفض صياغة نصوص قانونية تحت ضغط الأزمات لتفادي الارتباك التشريعي.
إرسال تعليق